إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الطبيعة والإنسان: صيرورة واحدة/محمد بنفارس

الطبيعة والإنسان: صيرورة واحدة/محمد بنفارس

حجم الخط

 

محمد بنفارس[1]






أحلام البياتي/العراق








الطبيعة والإنسان

معادلة في صيرورة واحدة





ندى-

على خد اليتيمة

قطرات مالحة



-rosée

sur la joue de l'orpheline

des gouttelettes salées


rocío- 

en la mejilla de la huérfana

gotas saladas

 

       نص مقتصد لغة، ولكنه منفتح من حيث حجم التعاطف الجمالي والإنساني الذي يشعر به المتلقي. يلاحظ أن البناء التقابلي بين "ندى"، وهي ظاهرة طبيعية من نتاج تفاعل عوامل طبيعية، وبين " قطرات "/ الدموع، وهي حالة إنسانية، يجعل من النص مسرحا مفتوحا لتداخل عناصر متباعدة ظاهريا، ولكنها متقاربة من حيث الخصائص والتجليات والأثر. فالندى يتميز بقصر العمر والهشاشة، تقابله هشاشة من نوع آخر: دموع تسيل على خدي يتيمة، وعلى الأرجح، طفلة تبكي قدرها بفقدان الحنان والسند. كما أن صفة " قطرات مالحة" تزيد من وقع المشهدفإذا كان الندى يواجه مصيره العابر تحت تأثير خارجي من عوامل أخرى في عملية تحفظ توازن الطبيعة، فإن الصبية، عبر بكائها الصامت، تخفف من مصابها بالوسيلة المتاحة. فالدمع، تعبير عن الجرح من جهة، ووسيلة دفاع، من جهة أخرى.

 

      من جانب آخر، فإن جمال منظر الندى في الحقول المزهرة، تجاوره مسحة جمال إضافية، على وجه الصبية البريء، ترسمها الدموع التي تقطر في صمت. ألم يقل الشاعر بأن المرأة تبدو أكثر جمالا حينما تذرف الدموع؟ غير أن دموع الطفلة تضاعف الإحساس بالألم ومنسوب التعاطف.

 

      لقد وفقت هايجن أحلام في خلق مناخ شعري وجمالي بمنسوب عال من التعاطف بحيث جعلت من هذا الهايكو التوليفي بين الطبيعة والإنسان صورة كبيرة في حجمها وعمقها لما يمكن أن تكون عليه الطبيعة من جمال وهشاشة وزوال، وما يمكن أن يكون عليه الإنسان من جمال وانكسار وضعف. فكلا طرفي المعادلة (الطبيعة/ الإنسان) جزء من تجليات صيرورة مستمرة في الكون.



[1] مترجم ومدير موقع ومجلة هايكو العالم H W

 


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق