Aissa Abarkan- Maroc |
M. Benfares-Maroc |
السخرية
في شعرية
المناخات المشهدية
من شارة النصر،
دوري يرقب
الحشرات
-
depuis le signe de triomphe
un moineau surveille
les insectes
-
desde el signo del triunfo
un gorrión espía
a los insectos
هايكو: عيسى أبركان- المغرب/ Aissa Abarkan
ترجمة ومقاربة: محمد بنفارس- المغرب/ Mohammed Benfares
1/
عيسى أبركان من منطقة شمال المغرب. متقاعد من مهنة التعليم. يقطن في البادية ومولع بأشيائها الصغيرة. ومنها يستقي مادته الهايكوية. وهو مولع أكثر، لحد اللوثة، بالهاكو، هذا الوافد من البلاد التي لا تغرب عنها الشمس. صدر له ديوانان: "ريح تلو ريح" بالعربة والفرنسية و " سقف القرميد" بأربع لغات.
وعيسى يكتب بسجية دون تكلف، ولذلك تراه في أحيان كثيرة يكتب بحرية متحررا من كل القيود، غير أنه لا يخطئ روح الهايكو في شعريته وجمالياته.
ألم أقل لكم أن عيسى قناص ماهر. هايجن من عيار الكبار لم يحظ بالتغطية الإعلامية والأضواء كما حظي بها كتاب من صفوف خلفية يلزمها طريق طويل لحمل "شارة النصر". ولا أحسب أن عيسى من الكائنات التي تلهث وراء سراب الأضواء. هو عاشق خفيف الظل مرتحل في براري الجمال والفرح. هو الصامت المبتسم دوما يعطي ولا ينتظر مقابلا.
دعونا مع شارة
النصر في هايكو من ديوان: "ريح تلو ريح" وجانب من السخرية الكامنة والنقد المرح فيه.
2/
هايكو مسترسل من صورة واحدة دون قطع, بنية موفقة جدا تجسد مراقبة مستمرة من طرف الدوري ( فوق) إلى الحشرات ( تحت). نظرة فوقية بطلها دوري "متعجرف" و"متعال" في مكان عال (شارة النصر س.1)، من مكر اللحظة فهو مكان له رمزية عميقة لها علاقة بالانتصار في الحروب والمعارك والغزوات عند الأمم القديمة والحديثة: (قد تكون الشارة مجسما من مادة قوية: قوسا، نجمة، راية، أسد، جندي، علامة حربية...).
هل نستطيع ادعاء تقمص الدوري لدور الإنسان، وزهو الظهور الذي يستوطن ذاته، وحبه الشديد للفتك بالخصم والغريم؟
وغالبا حتى دون وجود مبرر مقبول، فقط بدافع غريزة
السيطرة والتحكم، أو تحييد أي ندية أو منافسة يفترضها مهددة أوخطيرة على مصالحه ووجوده.
لا أعتقد أن
الدوري، هذا الطائر الصغير الجميل المسالم الذي يعشش بين أحضاننا في سقوف بيوتنا
وشقوق شوارعنا وعلى أشجارنا، هو بهذه الشراسة وقوة التدمير التي يمتلكها ويسخرها
الإنسان.
ولا أعتقد أن
الدوري اختار أن يشعر بنشوة نصر ما، فانتصب مطلا من على شارة نصر منصوبة في مكان
ما، في بلد ما. شارة صنعها الإنسان للتذكير بالدماء المراقة والانتصار الماحق على
الإنسانية.
ولا أعتقد أن
الدوري، هذا الكائن البسيط، على هذه الدرجة من الدهاء " البسماركي"،
والتخطيط الحربي وتكتيك المناورات القتالية.
لا شيء يؤشر على أن الدوري سينقض قريبا على الحشرات المسكينة. ومن قال أن الدوري جائع ويتحين الفرصة لترك مكانه العالي والهبوط لإشباع جوفه ببضع حشرات آمنة لا تهتم لوجود المفترس؟
وهل هناك من يتخلى
على هودج النصر العالي المدبج بالملاحم، والمرصع بالبطولات، ثم يترجل مع من هو في
عداد الضعفاء والحثالة التي تذب في الأسفل؟
أليس من مكر الصدف أن يقف دوري على رمز "عال" في مكان عال من صنع الإنسان، لينظر إلى حشرات "تافهة" في الأسفل تتحرك سعيا للرزق؟ أليس الدوري هو ذلك الإنسان المتغطرس المسكون بوهم العظمة والفوقية والسيطرة على الآخر وإخضاع الكون لمشيئته؟
3/
هايكو ببهرات سخرية من النوع الرفيع، لا يجيدها إلا من يمسك بناصية الجمال، وينهل من الصمت والتأمل في الطبيعة وفي الإنسان. خمس كلمات وحرف واحد كانت كافية ليرقى عيسى بالهايكو إلى درجة الكبار المكرسين في النوع.
_________
* ورشة كتابة يؤطرها فضاء هايكو العالم ( الرابط أسفله)
Atelier d'écriture animé sur Haiku World (Cf lien en dessous)*