Matsuo Basho |
Joëlle Ginoux-Duvivier |
الهونكادوري
تقليد أدبي ياباني عريق
(دراسة مقارنة)
مقاربة
وترجمة: محمد بنفارس- المغرب
تقديم:
في هذه الورقة،
سنحاول عقد مقارنة سريعة بين الهايكو الشهير للمعلم باشو (1) وهايكو هايجن جوال
جينو ديفيفيي(2)
ما هي دواعي
هذه المقارنة بين نص قديم جدا ونص حديث جدا، بين نص ياباني شهير ونص فرنسي؟
في عالم الهايكو بات الضفدع لصيقا بالمعلم الأول لدرجة صارت معها كل الضفادع برائحة باشو. بل وقبل قراءة أي نص في أحشائه ضفدعة، نستبق بالحكم ونعتبره نصا مسبوقا أو مدورا أو مستهلكا. يحدث هذا بخاصة في المنطقة العربية حيث تعشش نظرية المؤامرة والجميع متهم حتى يثبت العكس، بل حتى لو ثبت العكس. وذلك في غياب أي مقاربة منهجية أو أدوات تحليلية تستبين الفروق الفنية والشعرية والتجديدية بين الأثرين السابق واللاحق عليه. على أن التلميح لنص قديم، في ثقافة اليابان، لا يعتبر عيبا بل احتراما ورفعة من شأن صاحب النص الأول، ويكون على الأرجح كاتبا معروفا اسما ونصا.
1/ هايكو
باشو:
بركة
قديمة
ضفدعة
تنط
صوت
الماء
-
old pond
a frog leaps in
water's sound
-
vieil étang
une grenouille saute
bruit de l'eau
2/ هايكو
جوال جينو ديفيفيي:
-relent d’eau stagnante
au crépuscule s’élève
le chant des grenouilles
-
رائحة
الماء الراكد ~
إلى
الشفق يتعالى
نقيق
الضفادع
إن تناول نفس
الغرض أو الموضوع أو الإشارة الفصلية أمر وارد، وإلا كانت انتهت، منذ زمان، أغراض
الغزل والطبيعة والحرب والسلم والحنين والبحر والجبل ...في الشعر. فإذا كان باشو قد صادف في تجربته ضفدعا وغصنا عاريا وحصانا
متعبا وخلد كل ذلك
في نصوص أصيلة، فليس معناه أن يحرم هايجن آخر نفسه من التغني بالضفدع والغصن العاري
والحصان. وعلينا أن نكف عن اتهام هؤلاء بالتناص (المخدوم) واللصوصية والسطو، شريطة
أن يظهر المعاصرون أو اللاحقون براعة شخصية وتجديدا ومغايرة وأن ينقلوا مشاهد من
زوايا أخرى وأن يستنفروا وجدان المتلقي من رؤى ومستويات متفاوتة ومؤثرة.
والهايجن
جوال، ولإن ألهمتها ضفادع القرن 21 الصداحة، فليس لسرقة ضفدعة باشو التي رأت النور
في القرن 17، وإنما لنقل خبرة ملموسة على نحو مغاير ومتفاعل ومبدع. ولحسن
حظنا، فالضفادع لم تنقرض
بعد، بل هي حية بيننا ترزق في البساتين الرطبة وأحواض المياه.
عند باشو وعند جوال: هدوء وحركة وصوت، وماء وضفدع. غير أن جوال فعلت كفاية حاسة الشم كناية عن قدم البركة. ودونما تفصيل التلاقي أوالاقتراب أوالابتعاد، أو ادعاء مفاضلة مع المعلم الأول، يبقى من حق جوال- أو اي هايجين- القفز على ضفدع باشو الذي يحسن القفز في الماء، إلى ضفدع يحسن الغناء نحو السماء. وفي ذلك فرق في المشهد والوجدان وشعرية المناخات المشهدية.
____
(1) ماتسوو باشو (1664- 1694) ، شاعر هايكو ياباني مؤسس
ومبتكر الهايكو كنمط مستقل.
(2) جوال جينو ديفيفيي: (تاريخ الوفاة: 4 ماي 2021)،
هايجن ورسامة فرنسية، نشطت وأطرت ورشة لكتابة وتعليم الهايكو بفضاء هايكو العالم H W منذ 2018 (Haiku Passion)،
يمكن مراجعة كتاباتها وعملها القيم بأرشيف المجموعة.