Joëlle Ginoux-Duvivier |
retour de chasse épinglé à un nuage le hameçon de lune |
au vent des toundras -s'abreuve l'horizon une envie de partir |
الهايشا
أو فن توليف الهايكو
والصورة
عرض وترجمة: محمد بنفارس- المغرب
1/ تقديم
يلاحظ على بعض كتاب الهايكو وعدد من أندية
الهايكو عربية وأجنبية خلط كبير بين الهايكو والهايغا. ذلك أن الهايكو بناء قائم
بذاته دون معينات من خارج مكوناته. في حين أن الهايغا فن ينهض على توليف بين النص
والصورة، وله تقنياته وأدواته وأبعاده الشعرية والجمالية شكلا ودلالات.
ولذلك نعتبر أن التنقيب عن صورة من محركات البحث
والزج بها مع نص يعتبره صاحبه من الهايكو ما هو إلا إجراء متهافت تنقصه المعرفة
بكلا النوعين. إنه تصرف يشوه الهايكو كنوع مستقل بذاته ويشوه الهايشا (كفن حديث) له خصوصيته، بل هي
بلطجة هايكوية تنتشر كالنار في هشيم أندية هايكو تقتات على الصورة بالدرجة الأولى
على يد كتاب ينهلون من فقر مصطلحي ومعرفي وذوق يحتاج لتنمية وتطوير قمينين باحترام
جمال وأصالة العملية الفنية وخصوصية كل فن باسمه.
في هذا الإطار يدخل ما نعايشه من ضجيج واسع ومعيب
للكارتات/ البطاقات والتصاميم والفيديوهات والشهادات وما شابه من مساحيق رخيصة تبتلع
الهايكو، إن وجد، ولا يتبقى في النهاية سوى الرسوم المبتذلة والألوان البلهاء التي
لا تعنى شيئا. ومن الوقاحة ادعاء بعضهم تجديدا في الذوق والجماليات وتطويرا للهايكو
"العربي" بهكذا صنعة تسويقية لوهم الشهرة تلحق ضررا جسيما بالهايكو كفن له
مقومات تكفي نفسها بنفسها. ولإن كان من توليف بين التشكيل الفني والتشكيل اللغوي
في إطار الهايشا، فليكن ذلك برؤيا إبداعية وإحساس فني وذائقة جمالية، وقبل هذا وذاك استيعاب للأصول اليابانية في المقام الأول.
2/
في التالي، أورد فقرة توضيحية في الموضوع، مع
مثالين بقلم الصديقة الراحلة جوال جينو دي فيفيي(1) حيث تقول :
"الهايشا (le
haïsha)هي توليف بين
الهايكو والصورة، وهي مستوحاة من الهايغا / le haiga (فن
ظهر في اليابان في القرن السابع عشر، يتكون من هايكو ورسم بالحبر). لا ينبغي، بأي
حال من الأحوال، أن يكون الهايكو مجرد وصف للصورة، كما أن الصورة لا ينبغي ان تجسد
حرفيا الهايكو.
الهايشا فن معقد بحيث لا النص ولا الصورة يجسدان
ويوضحان بعضهما البعض وذلك لتجنب أي تكرار أو تماثل (redondance، كما
لا يجوز أن تكون هناك أسبقية أو غلبة للمكتوب على الصورة والعكس صحيح؛ فهما معا
متكاملان ويسمحان للقارئ بالانفتاح على خيال وعوالم جديدة. ثم إنه لمن الضروري أيضا أن يكون الهايكو في متناول الاستيعاب بدون
مساعدة ودعم من الصور.
هذا ويمكن تقديم الهايكو بطريقتين:
- إما
عن طريق دمجه في الصورة (في هذه الحالة، ينبغي التفكير في لحظة "الصمت"،
أي السماح لكل من الصورة والنص بالتنفس بحيث لا يكونا "منغلقين") ؛
- أو
من خلال تقديم الهايكو خارج الصورة.
وللمساعدة على فهم تقنية وروح الهايشا على نحو
أفضل، أقترح مثالين: أحدهما "ناجح" والآخر "فاشل":
retour de chasse
épinglé à un nuage
le hameçon de lune
عودة من الصيد
عالق بسحابة
شص القمر
يلاحظ أن الصورة المدمجة مع النص، على اليسار،
تصف وتنقل الهايكو ولا تترك مجالا لخيال المتلقي، في حين تفسح الصورة على اليمين
مجالا للقارئ للسؤال والتخيل".
3/
ولمزيد
من التوضيح، أسوق مثالا ثالثا لهيلين
فونغ (2)، وهو عبارة عن هايشا
من هايكو وصورة مستقلين عن بعضهما البعض، غير أنه بوسعنا تلمس التماس والتباعد بين
العنصرين، ما يفسح المجال لذائقتنا لتخيل العلاقة الممكنة بين وسيط النص ووسيط
الصورة.
au vent des toundras
-s'abreuve l'horizon
une envie de partir
بريح التوندراه
يرتوي الأفق-
أتوق للرحيل
4/ خلاصة:
الهايكو نص يكتفي بمكوناته الذاتية. أما إغراقه
بالصورة والصوت والألوان والمؤثرات السينمائية لإضفاء جمالية مزعومة، ما هي إلا
تعويم للنص في غلاف ضبابي من المشوشات
(parasites) الخارجية تنم عن خلط مفاهيمي وجهل بالأجناس
الفنية.
ومثل كهذا فعل لن يضيف شيئا من أجل تطوير الثقافة
والممارسة الصحيحة للهايكو، بل يزيد من نسب العلات والتشويش والخلط، وبخاصة عند فئة
المبتدئين وغير النبيهين.
_____
1)
هايجن
ورسامة ومغنية من بلجيكا (توفيت 2021) شغوفة بالقطط، ألفت 50 كتابا بالرسوم ولها ديوانا
هايكو واحد حول قطتها، نشطت ورشة " Haiku
Passion " بفضاء هايكو العالم H W .
2)
هايجن
ورسامة معاصرة من فيتنام ومقيمة بفرنسا.