إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية هايكو الخريف /Haiku Automne

هايكو الخريف /Haiku Automne

حجم الخط


توفيق أبو خميس - الأردن








 






هايكو الخريف*

هدايا -

لم يمنع الخريف،

تبادل الزهور

 

نص: هيرش عبد الوهاب حاجي، أربيل- العراق

مقاربة: توفيق أبو خميس، هايجن وباحث في الهايكو - الأردن

 

تتسابق التحولات بصورة سريعة في زمن العولمة هذا وفي مختلف مناحي الحياة ومنها على الأخص القيم الإنسانية، واخذت رويداً رويداً بنزع الصفات تصرفات الحميدة للإنسان أكثر فأكثر، مما أدى إلى تحطيم تلك القيم، ليبقى الشعر من إحدى القلاع الاخيرة التي يتحصن فيها الشعراء للذود عن الاخلاقيات والصفات الحميدة، وفي الوقت الذي يبحث فيه الشعر وكاتبه الآن عن المعادل المشترك للبعد الإنساني والمحدث لأثر مقاوم لتلك التغيرات البائسة.


إن الشعر هو مدرسة الحياة، وذو قدرة على تجسير الهوة بين الكثير من المفارقات في هذا العالم، وإعطاء الإنسان إنسانيته، والمكانة الراقية والأسمى التي يستحق والتي حباه الله بها منذ ان خلق الكون، ومنذ "هوميروس" إلى يومنا هذا كان الشعر هو الجنس التعبيري الأرقى على إحتواء كل كينونات الإنسان، بكل اختلافاتها.


بما أن الشعر يمجد القيم الإنسانية ويواجه الآني والسريع والمبتذل، وهي تحديات مصيرية يجب أن يواجهها الشعراء اليوم إلا بمزيد عمق وترسيخ قيم وكشف كل التناقضات التي جاء بها عالم العولمة المادي، وسيبقى الشعر آخر قلاع الحرية كما كان. يقول الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش:

قصائدنا، بلا لون

"بلا طعمٍ.... بلا صوتِ!

إذا لم تحمل المصباح

من بيتٍ إلى بيتٍ!

وإن لم يفهم (البسطاء) معانيها

فأولى أن نُذَرّيها

ونخلدَ نحنُ.. للصمتِ !!"


وهنا لي قراءة بسيطة للنص الذي أمام ناظرينا والذي جاء بصيغة واضحة ومتوافقة تماما مع عبارة "السهل الممتنع".

يحمل النص أعلاه دلالة وبعداً إنسانياً عميقاً وبأفق رحب من العاطفة الجياشة صورها الهايجن بصورة ضمنية ولم يوضحها بالقول الصريح لكننا نراها تشع من بين سطور النص، هدايا لمن تكون هذه الهدايا غير لمحب للحبيب ولمن تربطنا بهم أواصر المحبة والمودة سواء كانوا ذو قربى أو أصدقاء أو ربما نقدمها لنبني بها جسوراً أو نرمم بعضاً منها قد تآكل أو هدم، أو لنختصر بها ونقرب المسافات.

مع هذا المشهد الممتلئ بالزخم العاطفي، والذي يثير البهجة لفصل الخريف فصل الذبول والاصفرار والتساقط والدال على الكآبة، تكون هنا إشراقة أمل وبسمة فرح مع باقة ورد يانعة بألوانها المبهجة وعبق شداها التي حتماً ستسعد قلب كل من مهدي هذه الباقة والمهداة إليه. تميز النص بالتكثيف (ست كلمات نحتت ورسمت المشهد المبتغى كاملاً، وجسدت تلك المشهدية للنص) وبالتنحي، وتميز النص أيضا ببساطة اللغة وعمق المعنى وبشعور وجدانيّ عالي الأحاسيس، تبلورت بشكل تلقائي وعفوي تام وانسياب سلس يتلمسهَا ويتفاعل معها كل قارئ مهما كانت درجة ونوعية ثقافته.


جاءت الإشارة في هذا النص إلى الموسمية (الكيغو) بمفردة الخريف حيث ساقت به ليندرج تحت ما يسمى بالهايكو الكلاسيك، كما أستخدم الكاتب في هذا النص علامة القطع (الكيرجي) في السطر الأول حيث يعطي للقارئ فسحة للعبور إلى متن النص، ولكن برأيي كان على الكاتب استخدام علامة التوقف البسيطة (الكيري) وهي الفارزة (،) في السطر الأول مع الاستغناء عنها في السطر الثاني، حيث يصبح النص بهذا الشكل:

هدايا،

لم يمنع الخريف

تبادل الزهور


بوجه عام الصورة التي تم التقطها هنا من قبل الهايجن هي صورة واقعية وغير مفتعلة، ومشهدية استطاع أن يوثقها بكلماته ويكون مشهداً لصورة شعريَّة ولموقف إنساني يثير الفرح والبهجة، مقترنا بالعاطفة الإنسانية والمحبة، واجاد الهايجن بنثرها أمام المتلقي بمصداقية عالية وإتقان بحدث آني ممكن أن نصادفه يوماً ما هنا وهناك وفي أي مكان ما.

في نهاية القول.. بشكل عام كان نصا موفقا مع كل الأمنيات بالتوفيق ودوام التألق والإبداع

____ 

ورشة من تاطير مجموعة هايكو العالم ( الرابط أسفله)*  

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق