لا تقل لي.. بل أرني
القاعدة الذهبية في الهايكو
الإبداء بدل القول.
التلميح بدل التصريح.
التقشف بدل الثرثرة.
معادلة صعبة غير أنها ليست مستحيلة. يلزم فقط تواضع وإنصات وتمرس وكثير من القراءة. وطبعا جرعة من الموهبة والإلهام. إنها مقولة روسية خالصة قبل أن تكون إنجليزية أو أمريكية كما يروج البعض.
إن إعمال التقنية السينمائية أو التشكيلية لتوظيف الفراغات
والإيحاءات، بدل القول الصريح والحشو الثقيل، لكفيلة بإدماج المتلقي على نحو
متفاعل ومتأمل في الحالة الوجدانية عبر خوض التجربة كل بطريقته الخاصة حسب حالته.
إن مقولة الأديب الروسي الشهير أنطون تشيكوف:
(1860- 1904)"
لا تقل لي إن القمر منير، بل أرني وميض النور على
شظايا الزجاج"، تلخص فنية العملية الإبداعية في الفن والأدب عموما. غير أن
الوصفة قد تجد صدى خاصا لها في عملية تأليف الهايكو كنوع ينهض على شعرية الإضمار
والتقشف والرسم بالكلمات.
قاعدة ذهبية لو تأملناها بعمق واحتكمنا إليها بتفكر وإنصات وتواضع، سنكف
عن الاستسهال، وربما سنصوم عن تفريخ ما نعتبره أو نسميه تقديما "هايكو" أسابيع
أو أشهرا أو أعواما... إن لم يكن دهرا.
وعلى نفس المنوال:
×
لا تقل لي: النحلة نافقة، بل أرني كيف بقي جناحاها في وضعية طيران؛
×
لا تقل لي: الطفلة تائهة، بل أرني شعاع الأمل في عينيها؛
×
لا تقل لي: العجوز حزينة، بل دعني أحس صمتها الدفين؛
×
لا تقل لي: سيلان الدم على إيقاع الطبول، بل أرني كيف تطير القرويات
فرحا على إيقاع الطبول؛
×
لا تقل لي: البحر هائج، أرني كيف يتشكل الزبد لوحة فنية على الرمل أو
أسمعني تردد الموج على الصخر.
× لا تقل لي: الوردة تموت، بل أرني كيف تتشبث بالظل..
لا تقل لي الثلج أبيض، أرني غرابا صغيرا على ندفة بياض..
× لا تقل لي .. ولا تقل لي..
نقول هذا وسنكرره ليس لإحباط أحد، وليس لفرملة إبداع أحد، ولكن من أجل التفكر وعدم التسرع والاستخفاف بالعملية الفنية. يقول شارل بودلير( من أهم شعراء فرنسا المحدثين) ما معناه: مهما بذلنا من جهد في العمل، فإن الفن يحتاج وقتا والوقت قصير.
هايكو العالم H W