ذ. حسني التهامي* |
يعد تناول نص الهايكو واحدا
من التحديات التي نواجهها
في تأصيل تجربة الهايكو العربية
يعد تناول نص الهايكو واحدا من التحديات التي نواجهها في تأصيل تجربة الهايكو العربية، لا سيما أن هذا اللون الأدبي جديد على الساحة الشعرية في عالمنا العربي. فوعي القارئ وكيفية تلقيه لهذا الفن لم يكتمل بعد، لعدم درايته الكاملة بخصائص وجماليات هذه التجربة الوليدة. أضف إلى ذلك أن بعض الذين يتناولون نص الهايكو تغريهم حداثة المشهد، فنراهم يكتبون بشكل ساذج، دون التطرق إلى خصائص وجماليات هذا الفن. ولعدم درايتهم بطبيعة الهايكو كلقطة جمالية تكتنفها الدهشة، تجعلهم يلجأون إلى تفسير وتأويل النص ويحملون هذا المشهد المختزل الذي قد لا يتعدى الست كلمات في بعض النصوص ما لا يطيق، وهم بذلك يعتقدون أنهم يقرّبون القارئ من روح الهايكو التي لا علاقة لها في الأساس بمسألة التأويل والتفسير.
نحن بصدد نص لا حضور للذات فيه أو المشاعر التي تنساب من ثنايا الكلمات. لا شيء سوى المشهدية الحسيّة التي يلتقطها الرائي بصورة عفوية في لحظة جمالية عابرة دون أدنى التفاتة لمعنى جوهري أو رمز أو استعارة. فالهايكو كما يقول رولان بارت: "أبعد ما يكون عن فكرة مكتنزة تم إيجازها، لكنه حدث مختصر قادر على بلورة شكله المناسب بصورة فورية" (امبراطورية العلامات).
فالهايكو ليس تعبيرا عن القضايا الكبرى، ولا يكترث
بالمعاني أو الدلالات؛ لأنه نص عفوي يحقق الانصهار بين الذات الإنسانية والأشياء.
هذا التماهي بين الذات الشاعرة والطبيعة البسيطة ليس له مسمى غير العفوية. ينتج عن
هذه الكتابة العفوية توسيع نطاق الرؤية الإبداعية التي - على الرغم من واقعيتها -
تتخطى حدود المكان والزمان [ ].
*مترجم،
ناقد ورئيس نادي: هايكو مصر- مصر