إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية مقاربات في هايكو الخريف: هايكو باسمة العوام/ مقاربة جمال الفيزازي

مقاربات في هايكو الخريف: هايكو باسمة العوام/ مقاربة جمال الفيزازي

حجم الخط


 جمال الفيزازي*

باسمة العوام-سوريا













شيئية الأشياء

وصمت الطبيعة العارية


هذا الصباح؛

غصن آخر

يابس



نص مسبوك بشكل محكم ببنية شكلية تتميز بمشهد طبيعي مرئي، بعلامة قطع صريح تتيح صمتا مؤقتا، تستضمر الاندهاش والتأمل.


ظاهريا لا علاقة منطقية بين هذا الصباح (طبيعة زمنية) و(طبيعة مكانية) غصن يابس، ما جعل شاعر الهايكو يبرز علامة القطع (–) ليبدو مستغربا من حال طبيعة تعتريها لحظتان متقابلتان: لحظة عارضة تتمثل في الإحساس بتجدد الطبيعة من خلال تعبير (هذا الصباح، غصن آخر) تقابلها لحظة جوهرية تتجسد في الإحساس بثبات الطبيعة والموت (يابس) وبين المتغير والثابت، يعيش الشاعر توترا نفسيا هنا والآن، لا ينفك إلا بتناغم كائنات الطبيعة في دورة وجودية متوازنة.


لم يستعمل شاعر الهايكو الفعل الدال على الزمان والحدث، لذلك هيمن الثبات "اليبس" على المشهد، وهذا لا يعني إقصاء فاعلية الحركة، لأنه أضمر معنى الزمان في ظرف الزمان "صباح" للإيحاء بالحركة واستعمل الصفة (يابس) التي توحي إلى زمان فصلي: الخريف، كما يمكن ليبس الغصن أن يوحي إلى نضوب الماء أو مرض ما، مما يشكل نداء عميقا ضد أسباب تدمير الطبيعة والحياة، دونما تفسير لما حدث أو تعليل عقلاني.


نلاحظ أن شاعر الهايكو قد تنحى تماما عن المشهد، بغياب ضمير المتكلم، لكن وجدانه حاضر، مغمور بحزن شفيف، حزن لا يعني الاستغراق في التشاؤم، بل التطلع الى صباح متجدد وأمل في غصن جديد يانع أخضر


يعرض علينا الشاعر إذن، شيئية الأشياء، صمت الطبيعة العارية، بكلمات عارية من المجاز والمحسنات البلاغية، ببساطة وبدون تجريد ذهني او انفعال رومانسي زائف او نرجسية مبتذلة.


* كاتب وباحث في الهايكو- المغرب

 

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق